يعتبر التفاعل الاجتماعي أمر ضروري للحفاظ على الصحة النفسية. وبدونه من الممكن أن نتعرض لمشاكل الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب على نحو متزايد. وعلى الرغم من ذلك، فقد تغيرت وسائل الاتصال بشكل كبير نتيجة لتفشي جائحة كوفيد-19.
يقضي الكثير منا وقتًا أكثر من أي وقت مضى على الإنترنت حيث نسعى للتكيف مع " الطبيعة" الجديدة بينما نسعى جاهدين للحفاظ على حياتنا المهنية والاجتماعية. وعلى الرغم من ذلك، فإننا بذلك نعرض أنفسنا لخطر الاستسلام لـ "الإرهاق الناجم عن الاتصال عبر الإنترنت".
لقد أدى التغيير في بيئة العمل إلى إجبار العديد من الأشخاص على تبديل الحياة المكتبية بالعمل عن بُعد من المنزل. وفي حين أن البعض قد يكون لديه خبرة سابقة في هذا الأمر، إلا أنه بالنسبة لآخرين قد يؤثر هذا التغيير تأثيراً كبيراً على تحقيق التوازن بين العمل والحياة.
قد تبدو المخاوف السابقة والتوتر الناجم عن التنقل اليومي والسياسات المكتبية والاجتماعات المتتالية مجرد ذكرى من الماضي. وعلى الرغم من ذلك، يكمن الخطر في أن مجموعة واحدة من المخاوف يتم استبدالها ببساطة بمجموعة أخرى تضم أموراً مثل العزل الاجتماعي والافتقار إلى الهيكل اليومي وعدم القدرة على "التوقف عن التفكير'' والانفصال عن العمل وعدم وضوح الحدود بشأن الاجتماعات المنعقدة عن بُعد في وقت متأخر وبعد ذلك خلال المساء.
يعمل الكثيرون الآن لساعات أطول، ومن ثم يقضون ساعات أكثر على الإنترنت. في الواقع، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2017، أفاد 41٪ من العاملين عن بُعد أنهم قد شعروا بمستويات عالية من الضغط، مقارنة بـ 25٪ من الموظفين العاملين في المكاتب.
التبعية الرقمية
يمكن أن تؤدي الحاجة إلى المشاركة في مكالمات الفيديو المفتوحة والمتعلقة بالعمل والاجتماعات "الافتراضية" مع الزملاء إلى شعور الكثيرين بأنهم "مقيدون" بأجهزتهم الإلكترونية. ويمكن أن تمتد هذه التبعية الرقمية إلى مجالات أخرى من حياة الأشخاص أيضًا. لقد أصبح التواصل بانتظام مع الأصدقاء والعائلة عبر الإنترنت ركيزة عاطفية رئيسية، خاصة بالنسبة للوافدين، الذين لا يزال العديد منهم غير قادرين على السفر بحرية إلى مواطنهم الأصلية.
بالإضافة إلى ذلك، يتعرض الآباء للضغوط الإضافية بسبب التعليم المنزلي والحاجة إلى دعم تعليم أطفالهم عبر الإنترنت، بينما يقضي الصغار وقتًا أطول من أي وقت مضى في كتابة الرسائل النصية والمراسلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة يائسة لتنمية صداقاتهم. ولا عجب أن يشعر الكثيرون، بغض النظر عن خلفياتهم أو أعمارهم أو ثقافتهم، كما لو أن حياتهم اليومية أصبحت حالياً مرتبطة ارتباطًا جوهريًا بجهاز ما.
كيفية تجنب "الإرهاق الناجم عن الاتصال عبر الإنترنت"
في حين أن طلب السلوى والدعم من شبكة الإنترنت أصبح الآن ضرورة لا يمكن لمعظم الناس الاستغناء عنها، فهناك بعض المزالق الرئيسية التي نحتاج جميعًا إلى إدراكها والاستراتيجيات التي يمكننا وضعها للمساعدة في منع عواقب اعتلال الصحة النفسية، مثل الاكتئاب والقلق الناجم عن الاعتماد المفرط على التفاعل عبر الإنترنت. وتشمل هذه الاستراتيجيات ما يلي:
- الحصول على قسط كاف من الراحة. غفوة قصيرة لمدة 20 دقيقة فقط تساعد على تحسن الأداء المعرفي ومعالجة المعلومات. فالراحة تشجع على تحمل أكبر للمهام التي قد تؤدي إلى الإرهاق.
- تناول قسطا من الراحة بعيدا عن الشاشة. سواء كان الأمر يتعلق فقط بالمشي في المنزل أو الحديقة وتمديد ساقيك أو تناول مشروب، افعل أي شيء يشجعك على الابتعاد عن الشاشة لفترات قصيرة من الوقت لمنح عقلك وعينيك القليل من الراحة.
- قل "لا". تشجع على أن تتعلم قول "لا" لمهمة ما دون الشعور بالذنب. قد تشجع المخاوف بشأن الظروف الاقتصادية والعمالة الكثيرين على زيادة أعباء العمل بشكل غير متناسب، حيث يحاولون الحفاظ على ظهورهم أثناء العمل من المنزل وإثبات أنه لا يمكن الاستغناء عنهم. ولكن، على المدى الطويل، لن يدوم هذا الأمر وسيؤدي فقط إلى مستويات من عمل لا يمكن التحكم فيها وزيادة القلق والتوتر.
- وضع الحدود. قم بإنشاء مناطق "خالية من الوسائط" في المنزل مثل غرف النوم. وحافظ على خلو هذه الغرفة من الأجهزة واعتبرها ملاذًا ومكانًا للاسترخاء والتوقف عن التفكير والتخلص من التوتر في نهاية اليوم.
- تحديد مواعيد للوجبات المنتظمة بعيداً عن استخدام الأجهزة والالتزام بهذه المواعيد. استغل هذا الوقت للجلوس وإعادة تجميع أفراد الأسرة والتفاعل معهم. تحدثوا عن اليوم الذي قضاه كل واحد منكم وعن خطط المستقبل، تحدثوا عن أي شيء عدا العمل! تخلص من جميع المغريات تمامًا عن طريق ترك جميع الأجهزة الإلكترونية في جزء آخر من المنزل بينما تستمتعون جميعًا بتناول وجبة معًا.
- الابتعاد عن العالم الرقمي. ابذل مجهوداً يتميز بالوعي للمشاركة في الأنشطة التي تركز على الأسرة، مثل ممارسة الرياضة وتنظيم مواعيد الليالي المخصصة للأفلام العائلية أو الليالي المخصصة لألعاب الطاولة، أي شيء ينقلك إلى الهواء الطلق أو بعيدًا عن الأجهزة والتفاعل مع الأفراد ذوي التفكير المماثل.