تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أكثر الدول في العالم جذباً للأشخاص الذين يتطلعون إلى اختبار تجربة العمل في الخارج. فلا عجب أن أكثر من 80٪ من سكان دولة الإمارات العربية المتحدة من المغتربين.
من الممكن أن نسيطر على مشاعر الإثارة الأولية بمجرد محاولة العثور على سكن وتكوين صداقات جديدة وإنشاء شبكة شخصية وإدارة متطلبات الأسرة. وعندما تدخل في هذه الدوامة، فإن الافتقار إلى الدعم الاجتماعي والإحساس بمشاعر العزلة والوحدة والتغيير الطارئ على البيئة والحاجة إلى التكيف مع ثقافة مختلفة، كل ذلك يبين كيف يحتاج الوافدون إلى دعم إضافي وكيف يتأثرون بمشاعر التوتر والقلق والاكتئاب.
وفقًا لأحدث الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 300 مليون شخص على مستوى العالم يعانون حاليًا من الاكتئاب. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها، يعاني ما يقرب من 20٪ من السكان من نوع من اضطرابات القلق، وهو أمر أكثر وضوحًا بين الوافدين.
تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها أعلى مستوى إقليمي للاكتئاب، بنسبة 5.1% من السكان. وتحتل الدولة أيضًا مرتبة عالية من حيث انتشار حالة القلق في جداول منظمة الصحة العالمية، حيث يقر 4.1% من الأشخاص بوجود مشكلة، وفي حين أن هذه الإحصاءات مثيرة للقلق، إلا أنها تحوي بصيصًا من النور نظرًا للعمل الهائل الذي قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة في زيادة الوعي بالحاجة إلى التمتع بصحة نفسية جيدة.
عندما نفكر في الصحة النفسية، لا ندرك دائمًا مدى تأثيرها على الصحة البدنية. وتشمل العلامات الشائعة للتوتر و "الإرهاق" التي يجب أن تبحث عنها في نفسك والآخرين ما يلي:
فقدان الشهية
الأمراض الجسدية المزمنة (مثل الصداع والعدوى المتكررة والتعب وتعاطي المخدرات وضعف الحجة والإصابة بالقلق والكوابيس المتكررة)
التهيج
الانفعالات العاطفية
الحزن
كثرة الشكاوى بشأن الزملاء أو الإدارة
فقدان الثقة
الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة
من الأمور المهمة بالنسبة للمهنيين الوافدين في دولة الإمارات العربية المتحدة هي احتياجهم إلى الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة. وبالطبع، نوصي بذلك لجميع الموظفين، ولكن بشكل أكبر للوافدين لاسيما في الوقت الحالي، وذلك تزامناً مع تأقلمنا جميعًا مع الطبيعية الجديدة نتيجة لتفشي جائحة كوفيد-19.
وبسبب جميع القيود التي تم فرضها مؤخراً، لاسيما قيود التباعد الجسدي والقيود المفروضة على السفر، قد يعاني العديد من المهنيين الوافدين وعائلاتهم من مشاعر غامرة من العزلة والوحدة الشديدتين. وربما يجب على الكثيرين التخلي عن رحلات العودة إلى الوطن أو العطلات العائلية السنوية، والتي تعتبر شريان الحياة بالنسبة للكثيرين الذين يعيشون هنا بمفردهم بغرض العمل، وبدلاً من ذلك سيقضون أول صيف كامل بعيدًا عن العائلة والأصدقاء في حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية. قد يضطر البعض إلى التعامل مع المخاوف الوظيفية والمالية بالإضافة إلى إيجاد طريقة جديدة للعمل عن بعد من المنزل.
بعد تجاوز تحديات أسابيع "التعليم من المنزل"، قد يكون العديد من الآباء حالياً في حالة من الهلع بشأن كيفية ترفيه أطفالهم خلال العطلة الصيفية الطويلة الحارة. وربما لا يزال آخرون يحاولون التوفيق بين حزنهم على فقدان عزيز لديهم بسبب الفيروس أو التعافي من المرض بأنفسهم.
من الأهمية بمكان، بغض النظر عن الموقف أو التعديلات اللازمة التي يتعين علينا جميعًا إجراؤها في حياتنا بعد تفشي فيروس كوفيد-19، أن نخصص بعض الوقت للقيام بأشياء نستمتع بها وتساعدنا على الاسترخاء، والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير وإيجابي على المشاعر التي نمر بها. ومنها على سبيل المثال ما يلي:
ممارسة الهوايات المفضلة وقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء أمر لابد منه، حتى لو كان ذلك عبر منصة زووم.
يعد وجود صديق مقرب يمكنك التحدث إليه ومشاركته المخاوف والأمور المقلقة حلاً مثبتًا للمشكلات.
ممارسة التمارين بانتظام
الحصول على قسط كاف من النوم ليلاً
تناول نظام غذائي صحي ومتوازن
البشر كائنات اجتماعية بطبيعتها، لذلك فإن التواصل مع الآخرين بشكل منتظم يمنحنا جميعًا شعورًا بالأمان والرضا. لذلك، بينما قد نحتاج إلى التكيف جسديًا مع المواقف الجديدة، بإمكاننا جميعًا أن نكون سنداً لبعضنا عقليًا وعاطفيًا.
من خلال الانخراط في السلوكيات الصحية مثل التمارين الرياضية والتواصل الاجتماعي (باستخدام منصات الفيديو عبر الإنترنت) وتقليل الضغط الذهني وإعداد الهيكل والروتين اليومي وقضاء بعض الوقت بمفردنا ومساعدة الآخرين، نستطيع جميعًا أن نقطع أشواطاً جيدة في التعامل مع صحتنا النفسية في مثل هذه الأوقات التي لم نشهد مثلها من قبل.
طرق الاسترخاء خلال أشهر الصيف
تتضمن بعض التوصيات والاستراتيجيات المهمة التي يجب علينا جميعًا مراعاتها خلال أشهر الصيف ما يلي:
تعلم الاسترخاء.
بالنسبة لمن يعانون بالفعل من مستويات عالية من التوتر والقلق، يتعين عليهم تعلم وممارسة أساليب الاسترخاء الفعالة، مثل التنفس العميق وتقليل الضغط الذهني، والتي يمكن أن تساعد في استجماع التركيز في أوقات التوتر الشديد. حوّل تركيزك عن طريق ممارسة الرياضة والهوايات سواء كانت القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى أو التحدث إلى أحبائك. وخذ الوقت الكافي للقيام بالأشياء التي كنت تريد القيام بها لنفسك واغتنم الفرصة للتفكير في التأثير الإيجابي لعيش حياة بطيئة الإيقاع. وأي شيء يتيح لعقلك الوقت "للتوقف عن التفكير" لفترة محددة من الوقت سوف يساعدك على استجماع التركيز والبقاء هادئًا.
تواصل!
سواء كان ذلك مع العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل، فمن المهم جدًا البقاء على تواصل يومي من خلال الوسائل التكنولوجية مثل تطبيقات واتس آب وسناب شات وزووم. وتعد الدردشات ورسائل الدعم من الطرق الرائعة التي تساعد على الحفاظ على ارتفاع الروح المعنوية خلال هذا الوقت العصيب.
ساعد المحتاجين. وجه انتباهك إلى الأشخاص المحتاجين، لاسيما الأشخاص الذين يعانون من بعض القيود والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 عامًا وما فوق، والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية كامنة والأشخاص الأكثر عرضة للخطر. إن تقديم المساعدة والدعم للآخرين كلما أمكن ذلك سيساعدك على تحويل التركيز بعيدًا عن المخاوف والأمور التي تسبب لك القلق، ومن ثم يساعد في تقليل الشعور بالوحدة ويقلل من مستويات القلق. وحتى مجرد مكالمة هاتفية للتواصل والاتصال ستولد لديك شعوراً بالرعاية المجتمعية.
كن نشيطاً.
إذا كنت تتمتع بقدر كاف من الصحة الجيدة، فإن التمرين أمر جيد حقًا. ابحث عن بعض الدروس أو الدورات عبر الإنترنت لمساعدتك على ممارسة التمارين الخفيفة في منزلك. ابحث عن الموسيقى التي تساعد على تحسين مزاجك. ادخل إلى حديقتك واحصل على جرعات يومية من أشعة الشمس إن كان بمقدورك ذلك. فأي شيء يوفر لعقلك بعض الوقت "للتوقف عن التفكير" لفترة محددة سيساعد عقلك وجسمك على الاسترخاء وتقليل مستويات القلق والتوتر لديك.
وقتي أنا.
يجب علينا جميعًا، ولاسيما الأمهات، أن نحاول تخصيص "وقتي أنا" بغض النظر عن مدى محدودية ذلك الوقت. قد يكون التواجد في المنزل مع الأطفال طوال اليوم وكل يوم أمر مرهق عقليًا وجسديًا. تأكد من حصولك على بعض الوقت لتكون بمفردك كل يوم "لإعادة الضبط" و "إعادة التشغيل". وسواء كان الأمر لا يتعدى الاستحمام أو الاتصال بصديق لمعرفة آخر الأخبار، فهذا الوقت يعتبر ضرورياً للحفاظ على صحتك النفسية ورفاهيتك. وبالإضافة إلى ذلك سيستفيد الأطفال من الوالد المريح والسعيد أكثر بكثير من الشخص الذي يعاني من الإجهاد ونفاد الصبر وسرعة الغضب والإرهاق.
ضع خطة.
حاول أن تعيد التفكير بشأن همومك ومخاوفك وتحويلها إلى شيء مفيد ومثمر. وضع خططًا لتقوم بتنفيذها عندما ينتهي كل ذلك، وضع في اعتبارك الأشياء التي لطالما رغبت في القيام بها والأماكن التي لطالما رغبت في زيارتها. فالوقت الحالي هو الوقت المناسب لأخذ خطوة للوراء وإعادة تقييم أي تغييرات في الحياة ترغب في القيام بها. حاول أن تحدد مهمة صغيرة واحدة فقط لإنجازها كل يوم. وسيوفر لنا ذلك شعوراً بالقيمة والإنجاز لأننا قادرون على شطب المهمة من قائمة المهام.
نحن في هذا الأمر معا.
خذ خطوة إلى الوراء وذكّر نفسك بأن هذه تجربة جماعية وأننا بحاجة إلى العمل معًا لتقديم المساعدة في التعامل معها. وهناك طرق ووسائل يمكننا من خلالها المساعدة في الحد من تأثيرها.
تواصل:
يعد العلاج الافتراضي طريقة جيدة للحصول على الدعم والتعامل مع المعالج إذا لم تكن قادرًا على التأقلم أو التعامل مع الأمر. فهذه الأوقات لم نشهد مثلها من قبل ومن الطبيعي تمامًا أن تشعر بمجموعة من المشاعر المختلطة في هذا الوقت بالإضافة إلى الشعور بالحزن على فقدان حريتك. ويمكن أن يتيح لك التعامل مع معالج يستخدم منصة سرية مساحة لاختبار المشاعر واستيعابها بما يسمح لك بالمضي قدمًا خلال هذا الوقت دون التأثير على صحتك النفسية على المدى الطويل.